"رؤيا أصحاح ١٢"
الجزء الثاني من (ع ٧-١٢) وفيه نرى :-
أولًا) "الحرب بين رئيس الملائكة والتنين" (ع ٧-٩)
بعد أن رأينا صورة كاملة لمقاصد الله من نحو المرأة التي ولدت ابنها الذكر وهروبها إلى البرية حيث أعد الله لها مكانًا، نجد يوحنا بالروح القدس يأخذ أبصارنا من الأرض إلى السماء لنرى الحرب الدائرة بين رئيس الملائكة ميخائيل والشيطان ومن أفسس ٦ نعلم أن أجناد الشر الروحية بزعامة رئيس سلطان الهواء هم في السماويات ولنا أن نعرف شيئا عن الشيطان وشيئا عن ميخائيل رئيس الملائكة:-
١- الشيطان في الوقت الحاضر هو رئيس هذا العالم (يو ٣٠:١٤) وهو إله هذا الدهر (٢ كور ٤:٤) ورئيس سلطان الهواء (أف ١:٢) وصفاته كما نراها في هذا الأصحاح هو ١- المبتلع بالنسبة للمسيح وتلاميذه (ع ٤، ١ بط ٨:٥).
٢- وهو المضل بالنسبة للعالم (ع ٩، رؤ ١٠:٢٠).
٣- وهو المشتكي بالنسبة للأخوة وعلى مختاري الله (ع ١٠، رو ٣٣:٨).
٤- وهو المضطهد للمرأة (ع ١٣).
كما تذكر هنا وفي (ص ٢٠: ١-٣) أربعة أسماء للشيطان، التنين العظيم، الحية القديمة، إبليس، الشيطان.
٢- ميخائيل هو رئيس الملائكة يتكلم عنه الكتاب في خمس مواضع (دا ٢١،١٣:١٠، ١:١٢، يهوذا ٩، رؤ ٧:١٢)
ومن هذه المواضع نعلم أنه الرئيس العظيم لشعب إسرائيل فهو الملاك المعهود له الاهتمام بهذا الشعب ومهمته أن يفسد كل حيل وخطط الشيطان ضدهم ولأن موضوع هذا الأصحاح يخص إسرائيل (المرأة) نراه يظهر في المشهد لطرد العدو من مكانه في السماء الذي كان يشغله هو وأجناده.
معنى اسم ميخائيل "من مثل الله" ومن (تك ٥:٣) قال الشيطان لحواء "تكونان كالله" ومن (إش ١٤:١٤) قصد هو أن يصير "مثل العلي" الأمر الذي أدى لسقوطه وكأن ميخائيل في هذه المعركة يقول له "من مثل الله" وها أنت ستطرد من مكانك ولابد أن تطرح وتدان لأنك لم تحتفظ بمكان المخلوق الخاضع لله الذي فيه الأمان.
ثانيا) الفرح في السماء والويل على الأرض (ع ١٠-١٢) لقد سمع يوحنا "صوت عظيم" قائلا:-
١- تسبيحة القديسين الممجدين في السماء "الآن صار خلاص إلهنا" والمقصود بالخلاص هو خلاص الخليقة وعتقها من عبودية الفساد بالقضاء على العدو وتطهير دائرة السماويات والأرض، وها قد طرح الشيطان من السماء أول خطوة في تحقيق ملك المسيح على الأرض والآن وقد تطهرت دائرة السماويات، فالأرض على وشك أن يتم تطهيرها "لأن الله لابد أن يجمع كل شيئ في المسيح، ما في السماوات وما على الأرض" (أف ١٠:١).
٢- "وقدرته وملكه وسلطان مسيحه" وهنا نرى قوة الرب التي لا تقاوم وتسحق كل عدو لها سواء الشيطان وجنوده أو البشر الأشرار الذين على الأرض، وملكه الذي يشمل السماء والأرض، وسلطان مسيحه فسيستلم الابن السلطان ويملك في تمام الخضوع للآب كابن الإنسان (١ كور ٢٨،٢٧:١٥) ويعترف كل لسان أن يسوع هو رب لمجد الله الآب (في ١١:٢).
٣- "لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهارًا وليلًا" إن الشيطان منذ القديم يقوم بدور المشتكي وهذا ما نراه في (أي ١: ٦-١٢، ٢: ١-٦، زك ١:٣، رو ٣٣:٨) لكن ما يعزينا أن المسيح في السماء شفيعنا والله قد بررنا وخلصنا وصالحنا وآمامه كاملين وبلا لوم في المسيح الذي نلنا فيه الرضى.
"على إخوتنا" وهم القديسون الذين على الأرض في زمن الضيقة "ضيقة يعقوب" فالقديسون الذين في السماء أي الكنيسة يسجدون بفرح عظيم لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا القديسون الذين على الأرض.
٤- "وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم" وهذا هو سر نصرة القديسين (دم الخروف) ذلك الدم الذي به قد تطهروا لذلك لا نفع من شكاية الشيطان لأنهم تحت حماية دم المسيح والله لن يرى فيهم شيئًا من العيوب، "وكلمة شهادتهم" التي يتمسكون بها تبررهم أمام الناس.
٥- "ولم يحبوا حياتهم حتى الموت" وهنا نرى شجاعتهم الأدبية معلنة كونهم لم يحبوا حياتهم حتى الموت يستشهدوا ولا ينكروا ذلك الشخص الذي صلب لأجلهم وأصبحوا له وهو سيدهم وربهم وملكهم.
٦- "من أجل هذا افرحي أيتها السماوات والساكنون فيها" إن طرح الشيطان من السماء إلى الأرض يسبب فرحًا في السماء وللساكنون فيها أي جماعة المفديين والملائكة.
٧- "ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالمًا أن له زمانًا قليلًا" هناك فرح في السماء بينما الويل "للأرض" وهي الأرض النبوية والبحر هم الأمم الهائجة والذين كالبحر المضطرب تقذف مياهه حمأة وطينا إن الشيطان سوف يستخدم كل قوته وخبثه ضد الناس سواء في الأرض المستقرة في العالم أو المناطق الهائجة لماذا؟ لأنه عالم أن له زمانًا قليلًا لا تزيد مدته عن أل ١٢٦٠ يوما ثم يقيد ويطرح في الهاوية لمدة ألف سنه وبعدها يحل زمانًا يسيرا ثم يطرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب وسيعذبون نهارًا وليلًا إلى أبد الآبدين (رؤيا ٢٠).
ليتك قارئي العزيز تكون حكيما وتقبل إلى حمل الله الذي صلب من أجلك لتنال به الغفران والخلاص والحياة الأبدية الذي له كل السجود آمين (ي. ف)
صباح الغلبة بدم الخروف
منقول