. الحاجة إلى التقديس:

دعى الله هرون وبنيه للعمل الكهنوتي، وحدد لهم الثياب التي يرتدونها حتى يدركوا أن سرّ القوة ليس فيهم بل في الله الذي دعاهم وسترهم بنفسه. والآن قبل أن يمارسوا أي عمل كهنوتي يقدم لهم الرب طقسًا طويلًا خاصًا بتقديسهم وتقديس ثيابهم الكهنوتية وتقديس المذبح الذي يخدمونه، وكأن الثلاثة يمثلون وحدة واحدة، فلا تقديس للكهنة ما لم يلبسوا السيد المسيح نفسه (الثياب المقدسة) ويحملون سماتهم فيهم، ويخدموا المذبح المقدس (الصليب).
اختيار الكهنة ودعوتهم وتقديسهم كان إشارة إلى اختيار الابن الوحيد القدوس الذي قدّس ذاته لهذا العمل الخلاصي، فهو وإن كان القدوس الذي بلا عيب لكنه يقول "من أجلهم أقدس ذاتي لكي يكونوا هو أيضًا مقدسين في الحق"، ليس بمعنى أن يحمل قداسة جديدة، إنما قد قدم حياته المقدسة لهذا العمل، كاهنًا على طقس ملكي صادق (مز 110: 4، عب 5: 6، 7: 11). وكما التزم الكهنة أن يرتدوا الثياب الكهنوتية المقدسة لكي يقتربوا إلى المذبح، هكذا مع الفارق لبس ابن الله القدوس جسدنا وصار كواحد منا حتى يقترب إلى الصليب نيابة عنا ويتمم الفداء، أما تقديس المذبح إنما يُشير إلى الصليب الذي صار مقدسًا بالدم الثمين.